رغم أزمة الديون.. باكستان تستغل الائتمان الصينى لتحديث السكك الحديدية

منى عوض 

منذ القرن التاسع عشر، تنقل السكك الحديدية الباكستانية المتعثرة الركاب والبضائع من بحر العرب إلى جبال الهيمالايا، لكن الشبكة التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية في حالة يرثى لها، حيث توجد قطارات متهالكة وبعض المسارات التي أصبحت غير صالحة للاستخدام بسبب الفيضانات المدمرة خلال العام الماضي.

تستعد باكستان الآن لحل جزئي على الأقل، فالبلاد تعتزم تجديد خطوط السكك الحديديةبقيمة تقدر بنحو 10 مليارات دولار، والتي سيتم دفعها عبر القروض المقدمة من بكين.

اتفق رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف والرئيس الصيني شي جين بينج في نوفمبر على بدء العمل على خط سكك الحديد الذي يربط مدينة كراتشي الساحلية الجنوبية بمدينة لاهور والعاصمة، إسلام أباد.

ومن المتوقع أن يزيد المشروع من السرعات القصوى للقطارات على هذا الطريق إلى 160 كيلومترا في الساعة، لكن مشروع تجديد الخط الرئيس 1 آثار تساؤلات حول إذا ما كان ينبغي لباكستان المثقلة بالديون أن تقترض مليارات دولارات إضافية للبنية التحتية المكلفة في وقت تعاني فيه ضغوطا مالية شديدة.

يعتقد بعض المحللين أن باكستان، التي تتحمل نحو مائة مليار دولار من الديون الخارجية للمقرضين بما في ذلك البنك الدولي والصين، معرضة لخطر التخلف عن السداد بعد انخفاض احتياطياتها من النقد الأجنبي.

قال أحسن إقبال، وزير التخطيط الباكستاني، إن تجديد الخط الرئيس 1 أمر حيوي للحفاظ على عمل القطارات ومثال على الأعمال التحويلية التي باتت ممكنة بفضل القرض الصيني.

وأضاف إقبال في تصريحات إلى صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، “إذا لم ننفذ هذا المشروع، فستخسر باكستان خلال بضعة أعوام الخدمات اللوجستية لشبكة السكك الحديدية الخاصة بها.. نظام السكك الحديدية كاملا سينهار، وسيكون تشغيل العمليات التجارية في هذا الخط محفوفا بالمخاطر. لم يعد الأمر خيارا. بل مطلبا ملحاً”.

قال زبير خان، وزير التجارة الباكستاني السابق والمسؤول في صندوق النقد الدولي، إن “باكستان أقرب إلى نفاد الاحتياطيات مما يعترف به المسؤولون، هناك حقائق يتم إخفاؤها”.

قال إقبال، الذي يشرف على مشاركة باكستان في مبادرة الحزام والطريق، مخطط الصين الدولي للبنية التحتية، “إن الأمر سيستغرق من ستة إلى تسعة أعوام لإكمال مشروع تجديد خط السة الحديد، وسيشمل العمل استبدال السكك وتحديث الإشارات وتحويل تقاطعات المستوى إلى ممرات سفلية أو جسور علوية وبناء أسيجة لمنع الماشية من عبور السكة”.

وقال وزير التخطيط إن “المشروع سيمضي في مراحل لجعله أكثر قابلية للإدارة بتكلفة أولية تبلغ ثلاثة مليارات دولار”، مضيفاً أن “القرض المقدمة من الصين سيكون مستحق السداد على مدى 20 إلى 25 عاماً وسيكون بشروط ميسرة”.

يعود الإقراض الصيني لباكستان إلى أعوام مضت، كجزء من الجهود لإقامة علاقات اقتصادية عسكرية من شأنها أن تساعد على مواجهة منافسهما المشترك الهند.

ويشمل الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني تطوير الصين ميناء في مياه البحر العميقة في جوادار في جنوب غرب باكستان، من بين مشاريع أخرى.

قال دبلوماسي غربي في إسلام أباد، إن “استمرار مثل هذه المشاريع حتى بينما تشهد بكين ضائقة مالية متزايدة في الدول المستفيدة من مبادرة الحزام والطريق، يشير إلى الأهمية التي توليها للعلاقات مع باكستان”.

وأضاف: “حتى لو تخلفت بقية الدول المستفيدة من مبادرة الحزام والطريق عن الركب، فإن الصين تريد الاستمرار في مسارها مع باكستان، كما كانت للعلاقة جوانب أخرى مهمة تطورت على المدى الطويل”.

تميل القروض الصينية إلى أن تتضمن أسعار فائدة أعلى من الدائنين متعددي الأطراف أو الدائنين الثنائيين الآخرين، وفقا لمختبر أبحاث أيد داتا في كلية ويليام وماري في الولايات المتحدة.

Exit mobile version