الغضب والإضراب العام يشلان إسرائيل ويحاصران “حكومة الموت”

 أكدت وسائل إعلام غربية أن كشف التفاصيل المروعة لمقتل الرهائن الست المحتجزين لدى حركة “حماس” وجثثهم وهوياتهم وكيف ومتى ماتوا، أشعل النار في هشيم الوضع السياسي الاسرائيلي القلق، وأججت أحداث يوم أول من أمس بركان الحزن والغضب في جميع أنحاء اسرائيل ضد حكومة بنيامين نتنياهو، بعدما تم العثور على جثث ستة أشخاص تم اختطافهم أحياء في السابع من اكتوبر الماضي، وهم كارمل غات، إيدين يروشالمي، هيرش غولدبرغ-بولين، ألكسندر لوبيانوف، ألموغ ساروسي، والرقيب أول أوري دانينو، في نفق برفح على عمق 20 متراً تحت الأرض، على بعد كيلومتر واحد من المكان الذي عُثر فيه على رهينة آخر، قيد الحياة وهو فرحان القاضي، في حالة صحية جيدة الأسبوع الماضي.

وكان غولدبرغ-بولين، وهو مواطن أميركي- إسرائيلي، ظهر في فيديو نشرته حركة “حماس” في أبريل الماضي، وكان واضحاً من اللقطات أن يده اليسرى قد تم بترها، في حين أظهرت الفحوصات الأولية أن الأسرى الستة قتلوا برصاصات في الرأس، وكانوا في حالة هشة، لكن مستقرة، ووفق ما نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، فإن الاعتقاد لدى الجيش الإسرائيلي أن الرهائن قتلوا يوم الجمعة أو السبت الماضيين، قبيل وصول القوات إلى الموقع، لمنع إنقاذهم.

ومن المبكر التنبؤ بما سيحدث، لكن الغضب الناتج عن وفاة هؤلاء الرهائن قد يكون الشرارة التي تعيد تنشيط حركة الاحتجاج في إسرائيل المطالبة بوقف إطلاق النار، واتفاق للإفراج عن الرهائن، بالإضافة إلى دعوات لإجراء انتخابات جديدة تهدف إلى الإطاحة بالحكومة اليمينية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعدما تم اتهام الزعيم الإسرائيلي مراراً بتأخير التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار لتحقيق مكاسب سياسية شخصية.

وبعد فترة من الهدوء النسبي خلال الصيف، شهدت احتجاجات ليلة السبت الماضي عبر إسرائيل ارتفاعاً في الأعداد مقارنة بالأسابيع الأخيرة، حيث كان المتظاهرون بالفعل في حالة من التهيج بعد استعادة جثث ستة رهائن آخرين قبل أسبوعين، خمسة منهم كانوا قد أُعلن عن وفاتهم سابقاً، وانتهت آخر جلسة لمجلس الوزراء يوم الخميس الماضي بصراع صاخب بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع يوآف غالانت، بعد أن تمسك الوزراء بمطالبة نتنياهو أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة على محور فيلادليفيا على الحدود بين غزة ومصر، وهو نقطة خلاف كبيرة في محادثات وقف إطلاق النار.

وكانت قد اتهمت إيناف زنغاور، التي يُحتجز ابنها ماتان البالغ من العمر 24 عاماً، نتنياهو بـ”قتل” الرهائن الذين لا يزالون في غزة. وقالت قبل أن تُعلن الأخبار عن الوفيات الأخيرة: “لقد قرر (تقصد نيتنياهو) الحكم عليهم بالإعدام، وقرر التخلي عنهم، وقرر دفنهم في أنقاض سياسته، إنه يرتكب جريمة ضد شعبه”، كما أصدر منتدى عائلات الرهائن والمفقودين بياناً يدعو فيه الجمهور للاستعداد لاحتجاجات واسعة، وورد في البيان “بدءا من الغد(امس)، ستهتز البلاد… لقد انتهى التخلي”.

وأمس، تجمع المئات خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس وعمت التظاهرات الكبيرة تل ابيب وغيرها، كما اصدر الـ”هستدورت” بيانا اعلن فيه الاضراب العام في اسرائيل، من اجل التوصل إلى اتفاق، ومن المهم الاشارة الى ان أولى التحركات الواسعة النطاق في الصراع المستمر منذ 11 شهراً حتى اليوم، وقد شاركت امس بلديات كل من تل أبيب وجفعاتايم المجاورة التحركات للمطالبة بإعادة الرهائن، ومن المتوقع أن يتبعها المزيد.

ويأتي اعلان اتحاد العمال أكبر نقابة في إسرائيل الإضراب العام اهم عامل ضغط على الحكومة الحالية، فيما قال قائد المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد “لقد كانوا أحياء. قرر نتنياهو، ومجلس وزراء الموت عدم إنقاذهم. لا يزال هناك رهائن أحياء، لا يزال من الممكن إبرام اتفاق. نتنياهو لا يفعل ذلك (إبرام اتفاق) لأسباب سياسية”.

صحيفة الـ”غارديان” البريطانية نشرت تقريرا أن هذه الخطوة من حركة “العمل حاسمة” حيث يعني ذلك أن مطار تل أبيب، وهو الطريق الرئيسي الوحيد للدخول والخروج من البلاد، سيغلق، وقد تؤثر أيضاً على المستشفيات والخدمات العامة الأخرى، مما يكلف الاقتصاد ملايين الشيكلات”، وتجدر الاشارة الى أن الـ”هستدروت” وهو في الأصل المركز النقابي الوطني لإسرائيل، ويمثل أغلبية نقابييها، لم يتخذ مثل هذه الخطوة الجذرية منذ مارس 2023، عندما حاول نتنياهو إقالة غالانت بسبب معارضته خطط الحكومة المثيرة للجدل لإصلاح القضاء. وقد نجح الإضراب في ذلك الوقت، وأُجبر نتانياهو على التراجع عن قراره، وتم تأجيل التغييرات المقترحة في القضاء حتى جلسة الصيف للكنيست.

وتم استخدام الضغط الاقتصادي بنجاح ضد نتانياهو في العام الماضي، لكن منذ السابع من أكتوبر الماضي، أصبح رئيس الوزراء أكثر يأساً من أي وقت ومضى في التمسك بالسلطة، وورد في تقرير الـ”غارديان” “إذا كان هدف المحتجين هو إسقاط حكومته (نتنياهو)، فإن التغيير لا يزال بحاجة إلى أن يأتي من الداخل، اذ لدى ائتلاف نتانياهو أغلبية مكونة من أربعة مقاعد؛ خمسة أعضاء من الحكومة سيتعين عليهم التخلي عن زعيمهم لفرض انتخابات جديدة”.

محكمة العمل تأمر بإنهاء الإضراب و”الهستدروت” يستجيب

غزة، عواصم – وكالات: أمرت محكمة العمل الإسرائيلية، بإنهاء الإضراب العمالي واعتبرته غير قانوني، بعد تعطل خدمات عامة في مناطق عدة في إسرائيل أمس، استجابة لإضراب عام أعلنه أكبر اتحاد عمالي للضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للموافقة على اتفاق لإعادة الرهائن الإسرائيليين في قطاع غزة إلى ديارهم.

وبينما ذكرت المحكمة أن الإضراب العام يجب أن ينتهي، أشار رئيس اتحاد نقابات العمال “الهستدروت” إلى صدور أوامر للعمال بالعودة إلى أعمالهم بعد الحكم القضائي بإنهاء الإضراب، بعد أن كان قد قال إنه يدرس تمديد الإضراب ليشمل اليوم الثلاثاء، وأثارت استعادة جثث الرهائن صدمة كبيرة في إسرائيل دفعت نحو نصف مليون شخص إلى النزول إلى الشوارع في القدس وتل أبيب للاحتجاج، وفي محاولة لإجهاض الإضراب، خاطب وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش محكمة العمل الإسرائيلية التي كان من المقرر أن تنعقد صباح أمس، وطلب من النائب العام تقديم طلب عاجل للمحاكم لمنع الإضراب، زاعما أنه ليس له أساس قانوني ويهدف للتأثير على قرارات سياسية مهمة بشأن قضايا تتعلق بأمن الدولة، وسيؤدي لعواقب وخيمة من شأنها أن تسبب أضرارا اقتصادية كبيرة.

Exit mobile version