كيف ساهمت الصين في مكافحة كوفيد-19 وتحقيق الانتعاش الاقتصادي عالميا
شهد المجتمع العالمي مؤخرا مرور ثلاث سنوات على إعلان منظمة الصحة العالمية تفشي كوفيد-19 جائحة.
وبدورهم قال مراقبون عالميون إنه على مر السنين نجحت الصين، بدءا من إنقاذ الأرواح ووصولا إلى تقليل التأثير على الحياة اليومية للشعب، في تحقيق التوازن بين مكافحة كوفيد-19 ودفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي مكن البلاد من مواصلة العمل كمحرك للاقتصاد العالمي.
وأشاروا إلى أنه من خلال مساعدة الدول الأخرى في مكافحة الجائحة والدعوة إلى بذل جهود متضافرة لبناء مجتمع عالمي للصحة للجميع، قدمت الصين أيضا مساهمات كبيرة في حوكمة الصحة العالمية.
— الفلسفة المتمحورة حول الشعب
ذكر مجدي الدهشان، الوكيل السابق لكلية الطب بجامعة الأزهر المصرية، أن الصين نجحت في مكافحة كوفيد-19، لافتا إلى أن “عدد سكان الصين الضخم كان تحديا، لكن الصين اتخذت إجراءات قوية ووقائية من أجل حماية شعبها”.
وفقا للبيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، تم حتى الأول مارس تسجيل أكثر من 758 مليون حالة إصابة مؤكدة وأكثر من 6.85 مليون حالة وفاة مرتبطة بكوفيد في العالم. والصين من بين البلدان التي شهدت أدنى معدلات من الإصابة الشديدة بالمرض والوفاة به.
خلال السنوات الثلاث الماضية، عكفت الصين على تعديل استجابتها للجائحة في ظل تطور الوضع. كما أنها استثمرت بكثافة لتوسيع قدرتها العلاجية وضمان الإمدادات الطبية في المناطق الريفية الأقل تقدما في البلاد. ولم تدخر المستشفيات جهدا في علاج المسنين وغيرهم من الفئات الضعيفة.
وخارج حدودها، قدمت الصين مساعدات لدول أخرى وتقاسمت خبرتها في مكافحة مرض فيروس كورونا. وقدمت حتى الآن إمدادات خاصة بمكافحة الجائحة إلى 153 دولة و15 منظمة دولية، وشاركت في استضافة أكثر من 300 من أنشطة التبادل المعنية بالوقاية من الجائحة ومكافحتها والعلاج الطبي مع أكثر من 180 دولة ومنطقة وأكثر من 10 مؤسسات دولية.
وفي هذا الصدد، صرح إدواردو ريغالادو، الباحث بمركز أبحاث السياسة الدولية في كوبا، قائلا “لقد كانت الحكومة الصينية متسقة للغاية مع مبدئها المتمحور حول الشعب في مكافحتها لكوفيد-19. وهدفها الرئيسي هو حماية حياة الجميع”.
— قوة دافعة للاقتصاد العالمي
في السنوات الثلاث الماضية، نجحت الصين بفعالية في التنسيق بين الاستجابة للجائحة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بتسجيلها متوسط نمو اقتصادي بلغ 4.5 في المائة في الفترة من 2020 إلى 2022، متجاوزة بذلك المتوسط العالمي البالغ نحو 2 في المائة. ومن ثم عززت مكانتها كمحرك للاقتصاد العالمي.
ووفقا لاستطلاع أجراه المجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية، فإن 99.4 في المائة من المؤسسات الأجنبية التي شملها الاستطلاع أعربت عن ثقتها في الآفاق الاقتصادية للصين في عام 2023.
وذكر صندوق النقد الدولي في تحديث لتقريره بشأن آفاق الاقتصاد العالمي أنه “من المتوقع أن يرتفع النمو في الصين إلى 5.2 في المائة في عام 2023، وهو ما يعكس تحسن عملية التنقل”.
على الرغم من هذه الجائحة، وصل الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى مستوى قياسي بلغ 121 تريليون يوان (17.5 تريليون دولار أمريكي) في عام 2022 بعد أن تجاوزت البلاد عتبة الـ100 تريليون يوان في عام 2020 وعتبة الـ110 تريليونات يوان في عام 2021، وفقا للبيانات الرسمية.
وقد أشاد خيري تورك، أستاذ الاقتصاد في كلية ستيوارت للأعمال في معهد إلينوي للتكنولوجيا في شيكاغو، بالسياسات التي اتبعتها الصين لمكافحة كوفيد-19 وأنقذت ملايين الأرواح واصفا إياها بأنها عامل هام وراء انتعاش الاقتصاد الصيني.
وقال “لديك عمال أصحاء يعودون للعمل في المصانع، وسط بيئة صحية. كانت سياسات كوفيد-19 خير دليل على أنه يحسن للمرء أن يصمد أمام ألم قصير الأمد من أجل تحقيق مكاسب طويلة الأمد”.
ومن ناحية أخرى، ترى بنوك الاستثمار الدولية والمؤسسات المالية بشكل عام أن الصين ستظل “المحرك” و”عامل الاستقرار” الذي يدفع انتعاش الاقتصاد العالمي.
ووفقا للهيئة العامة للجمارك، بلغ إجمالي حجم تجارة السلع في الصين رقما قياسيا وقدره 42.07 تريليون يوان (6.2 تريليون دولار) في عام 2022، بزيادة 7.7 في المائة على أساس سنوي، متصدرة العالم لمدة ست سنوات متتالية. وارتفعت الصادرات بنسبة 10.5 في المائة لتصل إلى 23.97 تريليون يوان (3.5 تريليون دولار)، وارتفعت الواردات بنسبة 4.3 في المائة لتصل إلى 18.1 تريليون يوان (2.6 تريليون دولار).
ولدى وصفه الصين بأنها واحدة من أكبر القوى الدافعة للاقتصاد العالمي، ذكر وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف أنه بعد تحسين سياسات كوفيد-19، ستساعد الصين في مقاومة الانكماش الاقتصادي العالمي بتطورها السريع.
ومن جانبه، قال ليانغ قوه يونغ، كبير الاقتصاديين بمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، إن مساهمات الصين انعكست في إنتاجها المستقر وصادراتها القوية التي دعمت انتعاشا اقتصاديا عالميا في جانب العرض، كما انعكست من خلال سياسات اقتصاد كلي سليمة كانت في صالح النمو الاقتصادي المطرد للبلاد والعالم.
— من أجل الصحة والرفاه العالميين
في محادثة هاتفية مع ما شياو وي، رئيس لجنة الصحة الوطنية في الصين، في منتصف يناير، أثنى المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس على الجهود التي بذلتها الصين لمواجهة كوفيد-19، وشكر الصين على حفاظها على تبادلات فنية طويلة الأجل وتبادلها المعلومات والبيانات الوبائية مع المنظمة.
واتفق الجانبان على مواصلة تعزيز التبادلات والتعاون الفنيين في مجال الاستجابة للجائحة والعمل معا لحماية الأمن الصحي العالمي.
منذ بداية الجائحة، تدعو الصين إلى التضامن مع المجتمع الدولي. وعززت البلاد بقوة التعاون الدولي في مكافحة كوفيد-19، داعية إلى بناء مجتمع عالمي للصحة للجميع.
وخلال السنوات الثلاث الماضية، تبادلت الصين المعلومات المتعلقة بكوفيد-19 مع منظمة الصحة العالمية والبلدان في جميع أنحاء العالم. وكانت الصين أول من حدد العامل الممرض ونشر المعلومات الرئيسية بما في ذلك تسلسل الجينوم الخاص بالفيروس. كما أنشأت آلية للتبادلات الفنية مع منظمة الصحة العالمية.
كما أن الصين هي أول دولة تقترح جعل لقاحات كوفيد-19 منفعة عامة عالمية، وتدعم رفع حقوق الملكية الفكرية عن اللقاحات، وتناصر التعاون في مجال إنتاج اللقاحات مع البلدان النامية، الأمر الذي أعطى زخما قويا لسد فجوة التحصين العالمية.
وفي هذا السياق، قالت رومينا سوداك، عضو مجموعة الدراسات المختصة بالصين والأرجنتين والتابعة لجامعة روزاريو الوطنية، إن عدم المساواة في الحصول على اللقاحات عرض الجهود العالمية لمكافحة الفيروس للخطر.
غير أن الصين قدمت ملايين الجرعات من اللقاحات لدول أخرى، وهي اللقاحات الأكثر توافرا للناس في الدول النامية، وفقا لما قالته، مؤكدة أن الصين تنفذ رؤية مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية بإجراءات ملموسة.
أما إيميري نزيراباتينيا، الخبير الرواندي في العلاقات الدولية، فقال “لقد أعجبت بمشاركة الصين النشطة في تعزيز الصحة العالمية بمستقبل مشترك. فقد ركزت القيادة الصينية تحت قيادة الرئيس شي جين بينغ على السعي إلى تحقيق الصالح العام والمصالح المشتركة في جميع أنحاء العالم، هو ما عزز جهود الصين في الحفاظ على تعاون جيد في مجال الصحة العالمية”.